للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفس الأمر لما أخذته، لم يكن له ما ادعاه ظاهرا معلوما، وصار كالمتزوج امرأة فأنكرت نكاحه، ولا بينة، فإذا قهرها على الوطء من غير حجة ظاهرة، فإنه ليس له ذلك، ولو قدر أن الحاكم حكم على رجل بطلاق امرأته ببينة اعتقد صدقها، وكانت كاذبة في الباطن، لم يكن له أن يطأها لما يعلم في الباطن.

فإن قيل: هذا ليس بخيانة بل هو استيفاء حق، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن خيانة من خان، وهو أن يأخذ من ماله ما لا يستحق نظيره.

فأجاب شيخ الإسلام رحمه الله عن هذا السؤال، بأن قال: هذا ضعيف لوجوه;

أحدها: أن الحديث فيه "أن قوما لا يدعون لنا شاذة ولا فاذة إلا أخذوها، أفنأخذ من أموالهم بقدر ما يأخذون منا؟ فقال: لا"

الثاني: أنه قال: " ولا تخن من خانك " ١ ولو أريد بالخيانة الأخذ على طريق المقابلة، لم يكن فرقا بين من خانه ومن لم يخنه، وتحريم مثل هذا ظاهر، ولا يحتاج إلى بيان وسؤال، وهو قوله: " ولا تخن من خانك " ٢ فعلم أنه أراد أنك لا تقابله على خيانته، فتفعل به مثل ما فعل بك، فإذا أودع الرجل الرجل مالا فخانه في بعض، ثم أودع الأول نظيره فأراد أخذ ماله منه، فهذا هو المراد بقوله: " ولا تخن من خانك " ٣.

الثالث: أن كونه خيانة لا ريب فيه، وإنما الشأن في جوازه على وجه القصاص، فإن الأمور منها ما يباح القصاص


١ أبو داود: البيوع (٣٥٣٤) , وأحمد (٣/٤١٤) .
٢ أبو داود: البيوع (٣٥٣٤) , وأحمد (٣/٤١٤) .
٣ أبو داود: البيوع (٣٥٣٤) , وأحمد (٣/٤١٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>