للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه والحالة هذه.

فلو تركوا رأسا ولم ينظر إلى جنايتهم، ونظر إلى جناية المباشر فقط، لفهم يفهمه بعض القاصرين، من حديث: " لا يجني جان إلا على نفسه " ١ لضاعت حقوق الناس ودماؤهم وأموالهم، وعطلت القواعد الشرعية، وقصر بالحديث عما يتناوله، ويدل عليه عند إمعان النظر، فعلى قدر ما أحدثوا من البغي، والظلم والعدوان والتعاون على ذلك، ساغ للأئمة أن يحبسوا ابن العم في ابن عمه، ليقوم بأداء ما وجب عليه من الحق والطاعة في المعروف من نصرة المظلوم، وإغاثة الملهوف والبراءة من المحاربين وقطاع الطريق، ومثل هذه القبائل: لما تركوا ما وجب من أمر الشرع مع القدرة على القيام، ورضوا محاربة الله ورسوله، ساغ للأئمة ما ذكر، وما لم يتم الواجب إلا به فهو واجب.

وأيضا: فلو خلوا بين أهل الإسلام، وبين هذا الجاني من أبناء عمهم، لتمكن المظلوم من أخذ حقه ورد مظلمته، فهم قد آووا محدثا، وفي الحديث: " لعن الله من آوى محدثا " ٢ وفي الحقيقة: هذا إحسان إلى القبيلة، وسبب لتخليصهم من ارتكاب ما حرم عليهم، وهذا الذي أخذ في ابن عمه، لم يقصد ماله، بل حبس لأخذ ما بيد مولاه الذي هو ابن عمه.

وبالجملة: فهذا من أسباب صلاح الناس وصيانتهم،


١ الترمذي: الفتن (٢١٥٩) , وابن ماجه: المناسك (٣٠٥٥) .
٢ مسلم: الأضاحي (١٩٧٨) , والنسائي: الضحايا (٤٤٢٢) , وأحمد (١/١٠٨ ,١/١١٨ ,١/١٥٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>