وهذا الذي ذكرناه هو الذي تأوله الأئمة، وظهرت مصلحته، وقَلَّت مفسدته، والذي أخذ النبي صلى الله عليه وسلم ناقته العضباء، قال له: لم تأخذ سابقة الحاج؟ فقال:" أخذتها بجريرة حلفائك من ثقيف " ١ أو كما قال صلى الله عليه وسلم قلت: فظهر من هذا البيان الذي أفاده شيخنا، أنه حكم خاص بأهل القوة والنصرة، بخلاف المستضعف الذي لا قدرة له ولا جناية، ولا مصلحة في حبسه ولا يؤبه له عند قبيلته، فعلى الحاكم إمعان النظر في جلب المصالح ودفع المفاسد.
ثم ذيل على ذلك ذيلا، فقال رحمه الله: ما قاله شيخنا ووالدنا حفظه الله، في أسر ابن العم في ابن عمه لمصلحة، فهو الحكم العدل، وهو الذي عليه أكثر السلف، فإن الرجل إذا قطع السبيل وأخافه وامتنع بنفسه، وترك من يؤويه وينصره، صار قوة له وإعانة له على ظلمه، فإن أخذ بجريرته وأسر فيه، حصل له فيه ودع وامتناع، وهذا يعلم بالاضطرار.
قال الخطابى في شرح سنن أبي داود، في باب النذر فيما لا يملك ابن آدم، حدثنا سليمان بن حرب، ومحمد بن عيسى قالا حدثنا حماد، عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين قال: " كانت العضباء لرجل من بني عقيل، وكانت من سوابق الحاج قال فأسر فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم وهو في وثاق، والنبي صلى الله عليه وسلم على حمار عليه قطيفة، فقال: يا محمد علام تأخذني، وتأخذ سابقة الحاج، قال: آخذك بجريرة حلفائك من ثقيف. وكانت ثقيف قد أسروا
١ مسلم: النذر (١٦٤١) , وأبو داود: الأيمان والنذور (٣٣١٦) , وأحمد (٤/٤٣٠) , والدارمي: السير (٢٥٠٥) .