بالعبارات التي يخصها بعض الفقهاء باسم الإيجاب والقبول، سواء في ذلك البيع والإجارة، والنكاح والوقف، والعتق وغير ذلك; وهذا ظاهر قولي الشافعي، وهو قول في مذهب أحمد، لكون الأصل عندهم هو اللفظ.
والقول الثاني: أنها تصح بالأفعال كالوقف، كمن بنى مسجداً وأذن للناس بالصلاة فيه، وكبعض الإجارة؛ فهذه العقود لو لم تنعقد بالأحوال الدالة عليها، لفسدت أكثر أحوال الناس. وهذا هو الغالب على أصول أبي حنيفة، وقول في مذهب أحمد، ووجه في مذهب الشافعي، بخلاف المعاملات في الأموال الجليلة، فإنه لا حاجة إليه، ولم يجره العرف.
والقول الثالث: أن العقود تنعقد بكل ما دل على مقصودها، من قول أو فعل؛ فكل ما عده الناس بيعاً أو إجارة، فهو بيع وإجارة، وإن اختلف اصطلاح الناس في الألفاظ والأفعال؛ انعقد العقد عند كل قوم بما يفهمونه من الصيغ والأفعال، وليس لذلك حد مستمر، لا في شرع ولا في لغة، بل يتنوع اصطلاح الناس كما تتنوع لغاتهم.
فلا يجب على الناس التزام نوع معين من الاصطلاحات، ولا يحرم عليهم التعاقد بغير ما يتعاقد به غيره، إذا كان ما يتعاقدون به دالاً على مقصودهم، وإن كان قد يستحب بعض الصفات؛ وهذا هو الغالب على