فعله، أمر عمر برجمه كقبر أبي رغال أمراً مشروعاً، ويجوز الوقف فيه، ويثاب على حرمان النساء وغيرهن؟! ويتحيل بهذا بطلب الصدقة والقربة; وإنما هذه الأوقاف تشابه من قال الله فيهم:{وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي}[سورة التوبة آية: ٤٩] تحيلاً على ترك الجهاد بالورع؛ وهؤلاء تحيلوا على تعدي الحدود بالوقف، ولا شك أن هذا من أنواع النفاق.
وأما كلام الأئمة: فقال في الشرح الكبير: إن الميموني سأل أحمد عن بعض مسائل الوقف، فقال: ما أعرف الوقف إلا ما ابتغي به وجه الله; وقال أيضاً: قال أحمد أحب إلي أن لا يقف ماله، ويدعه على فرائض الله؛ ومعلوم: أن توقيف المال لو كان صحيحاً عند أحمد على الورثة، لكان أحب إليه من تركه، لكونه قربة مطلوبة للشارع.
وأما كلام المتأخرين: فقال في الشرح أيضاً: إذا وقف ثلثه في مرضه على بعض ورثته، فروي عن أحمد عدم الجواز. والثانية: يجوز، واحتج بأن وقف عمر قال:"تليه حفصة ما عاشت، لا جناح على من وليه إن أكل". ثم رجح الشارح الرواية الأولى، قال: وأما خبر عمر فإنه لم يخص بعض الورثة بوقفه، وإنما جعل الولاية إلى حفصة، وليس ذلك وقفاً عليها، فلا يكون ذلك وارداً في محل النّزاع.