للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما مراسيل المتأخرين، فأهل العلم مجمعون على أنه لا يثبت بها حكم. الجواب الثاني: أنهم ذكروا في جملتهم عمر والزبير، وهذا عمر وقفه معروف، وإنما جعل الولاية إلى حفصة، ومعلوم أن الإنسان إذا وقف على ابن السبيل والأيتام، وجعل ولِيَّهُ المصلح من ذريته، وله على عمله كذا وكذا، ليس مما نحن فيه.

وأما الزبير، فعبارة البخاري في صحيحه: "وتصدق الزبير بدوره، واشترط للمردودة من بناته أن تسكن"؛ ومثال ذلك: أن يقف على بر مثل مسجد، أو الفقراء أو الأضاحي، ويقول: إن افتقر أحد من ذريتي فهو مقدم على ذلك، وليس هذا مما نحن فيه، ولعل وقف الصحابة كلهم على هذه الكيفية. وعلى كل حال: من ادعى خلاف ما قلناه، فعليه الدليل بالإسناد الثابت عنهم.

الثالثة: العبارات التي توجد في كلام بعض العلماء: وإن وقف على أولاده، أو قال كذا وكذا وأمثال ذلك، يستدلون به على صحة هذا الوقف؛ وليس في هذا كله ما يدل على ما ذهبوا إليه، وغاية ما يدل كلامهم عليه، أن الرجل إذا وقف بعض ماله يريد به وجه الله والدار الآخرة، ولا يريد حرمان أحد، ولا تحريم بيعه عليهم خوف الفقر، بل مقصوده وجه الله، أنه يصح. وهذه المسألة مع كون فيها ما فيها، فليست مسألتنا، والذين قالوا هذه العبارات هم

<<  <  ج: ص:  >  >>