الذين اشترطوا: أنه لا بد أن يكون على وجه بر. وذكروا أن الوقف على المباح باطل، وهم الذين ذكروا أن الحيل على الحرام لا تحل؛ فإذا جمع الإنسان كلامهم تبين له ما قلنا، ولو قدرنا أنهم أرادوا ذلك، فالواجب عند التنازع الرد إلى الله والرسول، وقد تقدم من نصوص الكتاب والسنة ما يشفي ويكفي.
وإذا كان الشارع قال:" إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث " ١، فحجر عليه ذلك مع كونه لا يعده ديناً، فكيف إذا قصد التقريب بهذا المنهي عنه، وأقر على نفسه أن هذا مقصده. ومثل من منعه في الوصية وأجازه في الوقف، مثل من حرم نكاح الأخت إذا كان لمجرد الشهوة، ثم يقول: إن قصد بر أخته فهو نكاح صحيح، وعمل ينال به ثواب الأبرار؛ فعسى الله أن يوفقنا وإخواننا لما يحب ويرضى.
وقال أيضاً، قدس الله روحه ونور ضريحه: هذه كلمات، جواب عن الشبهة التي احتج بها من أجاز وقف الجنف والإثم، ونحن نذكر قبل ذلك صورة المسألة، ثم نتكلم على الأدلة، وذلك: أن السلف اختلفوا في الوقف الذي يراد به وجه الله على غير من يرثه، مثل الوقف على الأيتام، وصوام رمضان، والمساكين أو أبناء السبيل، فقال شريح القاضي وأهل الكوفة: لا يصح ذلك الوقف،
١ أبو داود: الوصايا (٢٨٧٠) , وابن ماجة: الوصايا (٢٧١٣) .