للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} [سورة النساء آية: ١٣-١٤] . وقد علمتم ما قال الرسول فيمن أعتق ستة العبيد، وما رد وأبطل من ذلك، فهو شبيه من أوقف ماله كله خالصاً لوجه الله، على مسجد أو صوام أو غير ذلك، فكيف بما هو أعظم وأطم من هذه الأوقاف؟!

وأما قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [سورة الحج آية: ٧٧] ، فوالله الذي لا إله إلا هو، إن فعل الخير: اتباع ما شرع الله، وإبطال ما غير حدود الله، والإنكار على من ابتدع في دين الله؛ هذا هو فعل الخير المعلق به الفلاح، خصوصاً مع قوله صلى الله عليه وسلم: " وإياكم ومحدثات الأمور! فإن كل بدعة ضلالة " ١، وقوله: " لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود، فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل "، وقوله: " لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم، فجملوها فباعوها وأكلوا ثمنها " ٢. فليتأمل اللبيب الخالي من التعصب والهوى، الذي يعرف أن وراءه جنة وناراً، الذي يعلم أن الله يطلع على خفيات الضمير، هذه النصوص، ويفهمها فهماً جيداً، ثم ينَزلها على مسألة وقف الجنف والإثم، ثم يتبين له الحق إن شاء الله.

وأجاب أيضاً: وأما المسائل التي ذكرت، فاعلم أولاً: أن الحق إذا لاح واتضح، لم يضره كثرة المخالف،


١ أبو داود: السنة (٤٦٠٧) , وابن ماجة: المقدمة (٤٢) , والدارمي: المقدمة (٩٥) .
٢ البخاري: أحاديث الأنبياء (٣٤٦٠) , ومسلم: المساقاة (١٥٨٢) , وابن ماجة: الأشربة (٣٣٨٣) , وأحمد (١/٢٥) , والدارمي: الأشربة (٢١٠٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>