للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا قلة الموافق، وقد عرفت بعض غربة التوحيد، الذي هو أوضح من الصلاة والصوم، ولم يضره ذلك. فإذا فهمت قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [سورة النساء آية: ٥٩] ، وتحققت أن هذا حتم على المؤمنين، فاعلم: أن مسألة الأوقاف، فيها النزاع معروف في كتب المختصرات; ذكر في شرح الإقناع في أول الوقف: أنهم اتفقوا على صحة الوقف على المساجد والقناطر، يعني نفعهما لا الوقف عليهما، واختلفوا فيما سوى ذلك.

إذا تبين لك، فاعلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه، فهو رد " ١، وفي الصحيح: " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا، فهو رد " ٢، وتقطع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأمر بهذا، ولو أمر به لكان الصحابة أسبق الناس إليه وأحرصهم عليه، وتقطع أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بسد الذرائع، وهو من أعظم الأشياء ذريعة إلى تغيير حدود الله، هذا على تقدير أن العالم المنسوب إليه هذا، يصحح مثل أوقافنا، وأنى ذلك، وحاشا وكلا، بل يبطل الوقف الذي يقصد به وجه الله على أمر مباح، ويقول: لا بد منه على أمر قربة.

وأما كونه جعل ماله بعد الورثة على بر هذا لم يرد


١ البخاري: الصلح (٢٦٩٧) , ومسلم: الأقضية (١٧١٨) , وأبو داود: السنة (٤٦٠٦) , وابن ماجة: المقدمة (١٤) , وأحمد (٦/٢٤٠) .
٢ البخاري: الصلح (٢٦٩٧) , ومسلم: الأقضية (١٧١٨) , وأبو داود: السنة (٤٦٠٦) , وابن ماجة: المقدمة (١٤) , وأحمد (٦/١٨٠, ٦/٢٤٠, ٦/٢٥٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>