للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم: " أشهد على هذا غيري " ١ فليس بأمر، وكيف يجوز أن يأمر بتأكيده، مع أمره برده وتسميته إياه جوراً؟ ولو أمره النبي صلى الله عليه وسلم بإشهاد غيره لامتثل ولم يرده؛ لكن قوله: " أشهد على هذا غيري " ٢ تهديد، كقوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [سورة فصلت آية: ٤٠] . فأما إن خص بعضهم لمعنى يقتضي تخصيصه، من حاجة، أو زمانة، أو عمى، أو كثرة عياله، أو لاشتغاله بالعلم، ومنع بعض ولده لفسقه، أو بدعته، أو لكونه يعصي الله بما يأخذه، ونحوه، فاختار الموفق جواز ذلك، واستدل له بحديث أبي بكر، ولأن بعضهم اختص بمعنى يقتضي العطية، فجاز أن يختص بها، كما لو اختص بالقرابة.

وأجاب عن حديث النعمان بأنه قضية عين لا عموم لها; وقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك، فإنه قال في تخصيص بعضهم بالوقف: لا بأس إذا كان لحاجة، وأكرهه إذا كان على سبيل الأثرة; والعطية بمعنى الوقف. قال في الإنصاف: قلت وهذا قوي جداً، ويحتمل أن يمنع من التفضيل بكل حال، لحديث النعمان لكون النبي صلى الله عليه وسلم لم يستفصل بشيراً في عطيته.

وأما المقام الثاني: وهو إذا فضل أو خص بعضهم، ثم مات قبل الرجوع والمساواة، فهل تثبت العطية للمعطى أو للباقين؟ فقد اختلفت الرواية في ذلك عن أحمد، فروي


١ مسلم: الهبات (١٦٢٣) , وأبو داود: البيوع (٣٥٤٢) , وابن ماجة: الأحكام (٢٣٧٥) , وأحمد (٤/٢٧٠) .
٢ مسلم: الهبات (١٦٢٣) , وأبو داود: البيوع (٣٥٤٢) , وابن ماجة: الأحكام (٢٣٧٥) , وأحمد (٤/٢٧٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>