للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قعود، فلما سلم قال: إن كدتم لتفعلون فعل فارس والروم، يقومون على ملوكهم وهم قعود، فلا تفعلوا. ائتموا بأئمتكم، وإن صلوا قياماً فصلوا قياماً، وإن صلوا قعوداً فصلوا قعوداً " ١.

وأجاب بعضهم، رحمه الله: قال شيخ الإسلام في الجواب عن هذه المسألة: لم يكن من عادة السلف على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين، أنهم يعتادون القيام للداخل المسلم، كما يردون السلام عليه، كما يعتاد كثير من الناس، بل قد قال أنس بن مالك رضي الله عنه لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا إذا رأوه لم يقوموا له، لما يعلمون من كراهته لذلك؛ ولكن ربما قاموا للقادم من مغيبه تلقياً له، كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قام لعكرمة; وقال للأنصار لما قدم سعد: "قوموا إلى سيدكم " ٢، وكان سعد متمرضاً بالمدينة، وكان قد قدم إلى بني قريظة شرقي المدينة.

والذي ينبغي للناس أن يعتادوا ما كان عليه السلف على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنهم خير القرون، وخير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم؛ فلا يعدل أحد عن هدى خير الخلق، وهدى خير القرون إلى ما دونه. وينبغي للمطاع أن يقر ذلك مع أصحابه، بحيث إذا رأوا لم يقوموا له، ولا يقوم لهم في اللقاء المعتاد; فأما القيام لمن


١ مسلم: الصلاة (٤١٣) , والنسائي: السهو (١٢٠٠) , وأبو داود: الصلاة (٦٠٢) , وابن ماجة: إقامة الصلاة والسنة فيها (١٢٤٠) , وأحمد (٣/٣٣٤) .
٢ البخاري: الجهاد والسير (٣٠٤٣) , ومسلم: الجهاد والسير (١٧٦٨) , وأبو داود: الأدب (٥٢١٥) , وأحمد (٣/٢٢, ٣/٧١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>