وقال أيضاً: ذكر ابن القيم، رحمه الله، في الإغاثة، على قوله تعالى:{وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً}[سورة البقرة آية: ٥٨] ما نصه: قال السدي: هو باب من أبواب بيت المقدس، وكذلك قال ابن عباس، قال: والسجود بمعنى الركوع، وأصل السجود الانحناء لمن تعظمه؛ فكل منحن لشيء تعظيماً له فهو ساجد له، قاله ابن جرير وغيره؛ قلت: وعلى هذا، فانحناء المتلاقيين عند سلام أحدهما لصاحبه، من السجود المحرم، وفيه نهى صريح عن النبي صلى الله عليه وسلم. انتهى ما ذكره ابن القيم، رحمه الله تعالى.
وقد أشكل هذا على كثير من الناس، ممن لم يكن له معرفة بمدارك الأحكام، ومعاني الألفاظ، فزعموا: أن ما يفعله المسلمون الآن من المعانقة، من هذا القبيل، وأنه هو هذا الانحناء المحرم الذي ذكره ابن القيم؛ وليس الأمر كما زعموا، ولا على ما فهموا، لوجوه:
أحدها: أن المسلمين لا يقصدون بهذه المعانقة، الانحناء لمن يسلمون عليه تعظيماً له بذلك، وإنما يقصدون المعانقة المشروعة; وحملهم على ما هو الحق، وما يقصدونه ويتعارفونه، أحسن وأوفق من حملهم على الأمر المحرم، الذي لا يقصدونه ولا يعرفونه، إذ حملهم على هذا من العنت والتحكم.
الوجه الثاني: أن هذا من باب التحية والملاطفة والمحبة والشفقة، بعد الالتقاء من البعد والسفر وغير