للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} [سورة البقرة آية: ٢٥٥] .

فذكر في الشفاعة شرطين: أحدهما: أنها لا تكون إلا بعد الإذن من الله للشافع، لا كما يظنه المشركون الذين يسألونها من غير الله في الدنيا. وقال تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [سورة آية: ٢٢-٢٣] .

قال ابن القيم، رحمه الله تعالى، في الكلام على هذه الآية: وقد قطع الله سبحانه الأسباب التي يتعلق بها المشركون جميعها، قطعا يعلم من تأمله وعرفه أن من اتخذ من دون الله وليا، أو شفيعا، فمثله: {كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ} [سورة العنكبوت آية: ٤١] . فالمشرك إنما يتخذ معبوده، لما يحصل له به من النفع، والنفع لا يكون إلا ممن فيه خصلة، من هذه الأربع: إما مالك لما يريده عابده منه، فإن لم يكن مالكا، كان شريكا للمالك، فإن لم يكن شريكا، كان معينا أو ظهيرا، فإن لم يكن معينا ولا ظهيرا، كان شفيعا عنده؛ فنفى سبحانه المراتب الأربع نفيا مرتبا، منتقلا من الأعلى إلى ما دونه، فنفى الملك، والشركة، والمظاهرة، والشفاعة، التي يطلبها المشرك، وأثبت شفاعة لا نصيب فيها لمشرك، وهي: الشفاعة بإذنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>