والمصالح، والغايات المحمودة في المعاش والمعاد؛ قال ابن عقيل، رحمه الله، في الفنون: للسلطان سلوك السياسة، وهو الحزم عندنا، ولا ننفي السياسة على ما نطق به الشرع، إذ الخلفاء الراشدون قتلوا ومثلوا، وحرقوا المصاحف، ونفى عمر نصر بن الحجاج; ولينل من عرضه، مثل أن يقول له: يا ظالم، يا معتد، وبإقامته من المجلس; والذين قدروا التعزير من أصحابنا، إنما هو فيما إذا كان تعزيراً عاماً من فعل أو ترك، فإن كان تعزيراً لأجل ترك ما هو فاعل له، فهو بمنزلة قتل المرتد، والحربي والباغي، وهنا تعزير ليس يقدر، بل ينتهي إلى القتل، كما في الصائل الآخذ للمال، يجوز أن يمنع من الأخذ ولو بالقتل.
وعلى هذا، فإن كان المقصود دفع الفساد، ولم يندفع إلا بالقتل قُتل، وحينئذ فمن تكرر منه فعل الفساد، ولم يرتدع بالحدود المقدرة، بل استمر على الفساد، فهو كالصائل الذي لا يندفع إلا بالقتل، فيُقتل. ويمكن تخريج قتل شارب الخمر في الرابعة على هذا، وقتل الجاسوس الذي تكرر منه التجسس. وقد ذكر شيئا من هذا، الحنفية والمالكية، وإليه يرجع قول ابن عقيل: وهو أصل عظيم في صلاح الناس، وكذلك طلب الفعل، فلا يزال يعاقب حتى يفعل.