والتعزير بالمال سائغ إتلافاً وأخذاً، وهو جار على أصل أحمد، لأنه لم يختلف أصحابهأن العقوبات في المال غير منسوخة. وقول الشيخ أبي محمد المقدسي: ولا يجوز أخذ ماله وهو المعزر، فإشارة منه إلى ما يفعله الولاة الظلمة.
والتعزير يكون على فعل المحرمات، وترك الواجبات; فمن جنس ترك الواجبات: من كتم ما يجب بيانه، كالبائع المدلس، والمؤجر، والناكح، وغيرهم من المعاملين، وكذا الشاهد، والمخبر، والمفتي، والحاكم، ونحوهم، فإن كتمان الحق شبيه بالكذب، وينبغي أن يكون سبباً للضمان، كما أن الكذب سبب للضمان، فإن ترك الواجبات عندنا في الضمان، كفعل المحرمات؛ حتى قلنا فيمن قدر على إنجاء شخص، بإطعام أو سقي، فلم يفعل فمات ضمنه. وعلى هذا، فلو كتم شهادة أبطل بها حق مسلم، ضمنه.
ومن هذا الباب: لو كان في القرية أو المحل أو البلدة، رجل ظالم، فسأل الوالي الغريم عن مكانه، ليأخذ منه الحق، فإنه يجب دلالته، بخلاف ما لو كان قصده أكثر من الحق. فعلى هذا، إذا كتموا ذلك حتى تلف الحق، ضمنوه، ويملك السلطان تعزير من ثبت عنده أنه كتم الخبر الواجب، كما يملك تعزير المقر إقراراً مجهولاً حتى