ووجه آخر، وهو: أن المحرمات على قسمين: قسم محرم لحق الله، كالدم والميتة، ومحرم لحق آدمي وهو الظلم؛ فإذا زالت العلة زال الحكم، فلا يصير ممنوعاً لنفسه، بل لما قام به من حق الغير، فمتى أذن له أبيح، فاستفدنا من نفس هذا الحديث رجحان ما أفتى به تقي الدين، فيكون معنى الحديث مطابقاً للحديث الثاني: وهو قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه " ١. ويدل على أنها لم تستأذنه: قولها في رواية الدارقطني: وأنا من أعز الناس عليه، وعلي أن أرضيه بأفضل منها، فصار عدم استئذانها له ظاهر من نفس الحديث، بحيث أنها لم ترضه وسترضيه، وأنها لم تعطه ثمناً، فكيف يسوغ أكل مثل هذه، لمن امتنع من أكل الضب، وترك أشياء عديدة مباحة، كان اقتضاها منصبه الأسنى، والصحابة يفعلونها; ويدل على ذلك أيضاً: إذنه في أكلها لغيره، فإنه لو كان المانع أمر يرجع إلى نفس الشاة، لم يأذن فيه لأحد، ففي هذا ما يدل على وضوح الفرق بين المأذون وغيره، والله أعلم.
وسئل الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف: عمن ذبح شاة أو سرقها، فذبحها بغير إذن أهلها، أو أغار قوم على غنم أهل بلد فذبحوا منها شيئاً وذهبوا به، ثم لحقهم الطلب،