للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحرم إلا على الذابح السارق لا غيره. وأما ما يستدل به المخالف، من أن البخاري، رحمه الله، استدل على أن من ذبح غنماً، أو إبلاً بغير أمر أصحابها لا تؤكل، بما رواه في صحيحه عن رافع بن خديج، قال: " كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة، فأصبنا إبلاً وغنماً، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في أخريات الناس، فعجلوا فنصبوا القدور، فدفع النبي صلى الله عليه وسلم إليهم، فأمر بالقدور فأكفئت " ١ الحديث. ويستدلون بما رواه أبو داود، من طريق عاصم بن كليب، عن أبيه عن رجل من الأنصار قال: "أصاب الناس مجاعة شديدة، فأصابوا غنماً فانتهبوها، فإن قدورنا لتغلي بها، إذ جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم على فرسه، فأكفأ قدورنا بقوسه، ثم جعل يرمل اللحم بالتراب، ثم قال: إن النهبة ليست بأحل من الميتة " ٢. انتهى. فيقال: إن العصمة والحجة فيما رواه البخاري، لا فيما رآه واستنبطه، فإن الرأي والاستنباط يخطئ ويصيب، وليس ما رآه واستنبطه حجة على من لم يره؛ بل كل يؤخذ من قوله ويترك، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ والذي رواه البخاري، رحمه الله، إنما هو في الغنائم المشتركة بين الناس، وهي إذ ذاك لم تقسم، وهم لم يستأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا بقية الغانمين في ذبحها وأكلها، فأمر بإكفاء القدور زجراً لهم عن معاودة مثله، والإمام له تأديب رعيته.


١ البخاري: الجهاد والسير (٣٠٧٥) , والنسائي: الصيد والذبائح (٤٢٩٧) , وأبو داود: الضحايا (٢٨٢١) , وابن ماجة: الأضاحي (٣١٣٧) .
٢ أبو داود: الجهاد (٢٧٠٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>