وأيضاً، فإنه لم يجئ في الحديث إتلاف اللحم، قال النووي، رحمه الله: والمأمور به من إراقة القدور، إنما هو إتلاف المرق عقوبة لهم، وأما اللحم فلم يلقوه، بل يحمل على أنه جمع ورد إلى المغنم، ولا يظن أنه أمر بإتلافه، مع أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال، وهذا من مال الغانمين. وأيضاً، فالجناية بطبخه لم تقع من جميع مستحقي الغنيمة، فإن منهم من لم يطبخ، ومنهم المستحقون للخمس; فإن قيل: لم ينقل أنهم حملوا اللحم إلى المغنم، قلنا: ولم ينقل أنهم أحرقوه، أو أتلفوه; فيجب تأويله على وفق القواعد. انتهى.
وللعلماء في هذا المقام كلام، لكن المقصود: أن مالك الشاة المذبوحة بغير إذنه إذا أذن في أكلها جاز، ولا يرد عليه حديث رافع بن خديج، ولا الحديث الذي رواه أبو داود عن عاصم بن كليب، لأن ذلك في الغنائم المشتركة غير المقسومة؛ والشاة لا مشارك لمالكها ولا مقاسم، بل هي ملكه، وقد أباحها بطيبة من نفسه. وقد روى البخاري في صحيحه:" أن جارية لكعب بن مالك، كانت ترعى غنماً بسلع، فأصيبت شاة منها، فأدركتها فذبحتها بحجر، فسئل النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: كلوها " ١، قال ابن حجر: وفيه جواز أكل ما ذبح بغير إذن مالكه، ولو ضمن الذابح، وخالف في ذلك طاووس وعكرمة، وإليه جنح البخاري. انتهى.