فهذه شاة ذبحت بغير إذن مالكها، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كلوها". ومن هنا قلنا: إن الحجة فيما رواه البخاري، لا فيما رآه. وقد تقدم خلاف العلماء، مع أن هذا الحديث الأخير، الذي رواه البخاري في صحيحه، فيه جواز أكلها بغير إذن مالكها، فكيف إذا أذن وأباح أكلها. إذا تحققت هذا، فما أخذه من أغار على غنم أهل بلد، ثم لحقوه فاستنقذوه من أيديهم، إنما هو قياس مع فارق، فإن الغنائم مشتركة بين من ذبح ومن لم يذبح، وصاحب الغنم المأخوذة لا مشارك له فيها، ورسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها بحق، وهؤلاء بعدوان وظلم، والغنائم فيها خمس، والغنم المأخوذة ليس فيها خمس. إذا علمت ذلك، فهي: حلال لمالكيها، لا لآخذها، فإن أذن المالكون لمن استنقذها في أكلها، جاز ذلك، وإلا فلا، وكذلك الشاة المذبوحة بغير إذن أهلها، إلا أن أحمد قال في ذبيحة السارق: أنها لا تحل له، يعني للسارق دون غيره. هذا ما ظهر لي، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
تنبيه: اعلم وفقني الله وإياك، أن البخاري، رحمه الله، استدل على أن ما ذبح بغير إذن المالك، أو كان المال المشاع مشتركاً، لا يؤكل، بحديث رافع بن خديج المتقدم، واستدل أحمد بن حنبل على جواز أكله، بحديث رافع بن خديج، وبحديث المرأة؛ فكل من الإمامين استدل