وطبقات في اليسر والعسر والمعيشة؛ وتوسع الأغنياء إنما يذم لوجوه، لا تخص بالقهوة أيضاً، بل يجري في غير ذلك من سائر المباحات.
وأما التعليل بأن فيها مضار للأبدان، فلا ينبغي أن يؤخذ على إطلاقه، فإن الأبدان الدموية والبلغمية تنتفع بها بلا نزاع، والسوداوي والصفراوي، يمكنه التعديل بالتمر، الذي هو غالب غذاء أهل نجد؛ وقد قال داود في تذكرته: يعدلها كل حلو. وأما قولك: وإذا كان الخمر يزيل العقل عند شربه، فهي شاهدناها تخامر العقل عند فقدها، فهذا الكلام لا ينبغي أن يقال، لأن الخمر يزيل العقل لمخامرته، أي: تغطيته، وهي لا تزيل العقل ولا تخامره، بل ربما كان شاربها قوي الذهن، حاد الإدراك، جيد الحفظ، والموجود عند فقدها لا يسمى مخامرة، وإنما هو كسل وفتور لها لا بها؛ فافهم أيها الأخ وأعط القوس باريها.
وأما قولك: وإذا عرضت مضارها على العاقل منهم، شهد بها وعابها، فيقال: أي عاقل يراد بهذا؟ أما العامة، ومن لا عناية له بمعرفة الأحكام الشرعية والأصول الدينية، فأقوالهم لا تصلح أن تكون ميزاناً، وأن تستقل بحكم; وأما أهل العلم والدين، وأهل البصائر من ورثة سيد المرسلين، فعقولهم يرجع إليها مع اتفاقهم، وإن