للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسائر الواجبات التي أثم بسببها، من صلاة أو صيام، أو زكاة أو غيرها، بل لا بد من الإتيان بها، لأنها حقوق لا ذنوب، وإنما الذنب تأخيرها فيسقط بالتوبة إثم المخالفة بالتأخير، لا نفس الحق المؤخر.

وإذا عوقب العبد على الذنب في الدنيا لم يعاقب عليه في الآخرة، لما روى الإمام أحمد وغيره واللفظ له، عن علي رضي الله عنه مرفوعاً: " من أذنب ذنباً في الدنيا فعوقب به، فإن الله أعدل من أن يثني عقوبته على عبده. ومن أذنب ذنباً في الدنيا، فستره الله عليه وعفا عنه، فإن الله أكرم من أن يعود في شيء قد عفا عنه " ١.

وأما إذا لم يعاقب عليه في الدنيا، ولم يتب منه، ولم يكفر بشيء من المكفرات للذنوب، بل مات مصراً عليه، ولقي الله بالذنب الذي استوجب به العقوبة، ولم يكن شركاً، فأمره إلى الله تعالى، إن شاء غفر له وإن شاء عذبه، ثم كان عاقبته أن لا يخلد في النار، بل يخرج منها ثم يدخل الجنة.

ولما كان العبد لا بد أن يفعل ما قُدِّر عليه من الذنوب، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " كتب الله على ابن آدم حظه من الزنى، فهو مدرك ذلك لا محالة " ٢، جعل الله له مخرجاً مما وقع فيه، يرفع أثر الذنب، ويزيل موجبه؛ وهذا من أعظم فوائد الشريعة ومقاصدها، فعقوبات الذنوب تزول بالتوبة النصوح، فهي أقوى الأسباب في إزالتها،


١ الترمذي: الإيمان (٢٦٢٦) , وابن ماجة: الحدود (٢٦٠٤) .
٢ البخاري: الاستئذان (٦٢٤٣) , ومسلم: القدر (٢٦٥٧) , وأبو داود: النكاح (٢١٥٢) , وأحمد (٢/٢٧٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>