ولا تستح من قول: لا أدري، فقد قيل: إذا ترك العالم قول: لا أدري، أصيبت مقاتله. فإذا وقع عليك قضية من القضايا، فإن كان عندك علم فتكلم به، وإلا فإن أمكن فيها الإصلاح فأصلح فيها، فإن الصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحاً أحل حراماً، أو حرم حلالاً، فإن لم يمكن الصلح، ولم يرض به الخصمان، فاصرفهما عنك ولا تَعاظَمْ ذلك، ولا تستح منه، فإن الأمر عظيم، ولا بد من يوم تعاد فيه الخصومات عند رب العالمين، قال تعالى:{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ}[سورة الزمر آية: ٣٠-٣١] .
[فصل في التسرع في الفتوى]
وقال الشيخ سعيد بن حجي: قال ابن القيم: فصل: وكان السلف من الصحابة والتابعين يكرهون التسرع في الفتوى، ويود أحدهم أنه يكفيه إياها غيره؛ فإذا رأى أنها قد تعينت عليه، بذل اجتهاده في معرفة حكمها من الكتاب والسنة، وأقوال الخلفاء الراشدين، ثم أفتى. وقال عبد الله بن المبارك: عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: "أدركت عشرين ومائة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أراه قال: في المسجد، فما كان منهم محدث إلا ود أن أخاه كفاه الحديث، ولا مُفْت إلا ود أن أخاه كفاه الفتيا"، قال ابن عباس:"إن كل من أفتى الناس في كل ما يسألونه لمجنون"، وقال سحنون بن سعيد: "أجسر الناس على الفتيا أقلهم