وقال في آداب المفتي: اعلم أن الإفتاء عظيم الخطر، كبير الموقع، كثير الفضل، لكنه معرض للخطإ والخطر، ولهذا قالوا: المفتي مُوَقِّع عن الله تعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس، ولكن يقبضه بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالم، اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا " ١، رواه الشيخان. وعن ابن مسعود: "عسى رجل أن يقول: إن الله أمر بكذا، أو نهى عن كذا، فيقول الله له: كذبت"، رواه الطبراني.
وعن الشافعي، وقد سئل عن مسألة فسكت ولم يجب، فقيل له: ألا تجيب؟ فقال: حتى أدري الفضل في سكوتي، أو في الجواب. وعن مالك، أنه ربما كان يسأل عن خمسين مسألة، فلا يجيب في واحدة منها؛ وكان يقول: من أجاب في مسألة، فينبغي قبل الجواب، أن يعرض نفسه على الجنة والنار، وكيف خلاصه، ثم يجيب. وعن أبي حنيفة، أنه سئل عن سبع مسائل، فقال فيها: لا أدري. وعن الأثرم: سمعت أحمد بن حنبل يكثر أن يقول: لا أدري، وذلك لما عرف من الأقاويل. انتهى.
شعراً:
من كان يهوى أن يُرَى مُتَصَدِّرا ... ويكره لا أدري أُصِيبَتْ مَقاتِلُه
وقال الشيخ عبد الله أبا بطين: ولكن ينبغي للمفتي
١ البخاري: العلم (١٠٠) , ومسلم: العلم (٢٦٧٣) , والترمذي: العلم (٢٦٥٢) , وابن ماجة: المقدمة (٥٢) , وأحمد (٢/١٦٢, ٢/١٩٠, ٢/٢٠٣) , والدارمي: المقدمة (٢٣٩) .