والقاضي، إذا ابتلي بشيء من المسائل، أن يجتهد في تحري الصواب، أو يقلد إن لم يتبين له الراجح; والمسائل التي يقع فيها الخلاف بين العلماء، وليس مع أحد القولين حديث صحيح صريح، بل القول فيها بالاجتهاد والقياس ونحو ذلك، فالذي ينبغي للإنسان فيها التوقف، إلا القاضي الذي لا بد له من القول، فيجتهد في تحري الصواب، وإلا فلا ينبغي لأحد أن يحرم على الناس شيئاً إلا بدليل.
بل ينبغي للمفتي أن يقول للسائل: ما أحب لك هذا، أو أكره هذا، أو يقول: بعض العلماء يمنعون من هذا، أو يحرمون، إن كان أحد قد قال بتحريمه; هذا الذي ينبغي للإنسان أن يستعمله في المسائل التي فيها الخلاف. وإن كان أحد فعل فعلاً، قال جمهور العلماء بالمنع منه، فينهى الفاعل عنه، ويمنع منه من غير أن يقال بتحريمه.
سئل الشيخ محمد بن إبراهيم: عمن أمر أن يحكم بما شرع الله ورسوله، فوجد لبعض من سبق قضاء يخالف كتاباً أو سنة، أو تقرير أهل العلم من أهل مذهبه أو إجماعهم، هل يسوغ له السكوت على ذلك الخطأ؟ أم يجب عليه الحكم بالحق والقضاء به، مع رفض الخطإ إن قدر وجوده؟
فأجاب: يجب عليه الحكم بالحق، سواء أمر به أو لا، لكن إذا سبق لغيره حكم في مسألة، بما يخالف نصاً من