للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتاب أو سنة أو إجماع، فإنه يجب نقض ذلك الحكم، لكن لا يتولى نقضه إلا من حكم به، فإن أبى نقضه، أجبر على ذلك، فإن امتنع، نقضه غيره؛ ولا يخفاك أن هذا يحتاج المتكلم فيه إلى سعة علم، وثقوب فهم وتمام اطلاع على كلام العلماء وإجماعهم وخلافهم، فكثيراً ما يظن بحكم أنه مخالف للكتاب أو السنة أو الإجماع وليس كذلك.

وأما حكمه بما يخالف تقارير أهل مذهبه أو إجماعهم إن تصور ذلك، فهذا لا يكون واجب النقض مطلقاً، فإن كان يرى ويعتقد أن كلام أهل مذهبه هو الصواب والحق، وحكم بما يخالفه فإنه ينقض؛ فإن بعض فقهائنا ذكر وجوب نقض حكم الحاكم إذا حكم بخلاف ما يعتقده. وأما إن حكم بخلاف قول أهل مذهبه لرجحان القول المخالف، لقول أهل مذهبه في الدليل، وكان له معرفة بهذا الشأن، ومن فرسان هذا الميدان، فإنه لا يتعرض لحكمه، والله أعلم.

[السؤال عن رشوة الحاكم]

قال شيخ الإسلام: الشيخ محمد بن عبد الوهاب، رحمه الله تعالى: سألتم - رحمكم الله - عن رشوة الحاكم، الذي ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه " لعن الراشي والمرتشي " ١، وذكرتم أن بعض الناس حملها على ما إذا حكم الحاكم بغير الحق، وأما أخذ الرشوة من صاحب الحق، والحكم له به فهي حلال عنده، مستدلاً بقوله: " أحق ما أخذتم عليه أجراً: كتاب الله " ٢، وإنكم استدللتم عليه بقوله: {وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي


١ الترمذي: الأحكام (١٣٣٦) , وأحمد (٢/٣٨٧) .
٢ البخاري: الطب (٥٧٣٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>