أمكنهم، وجاهدوا في ذلك بأيديهم وألسنتهم. فلما غلظ الأمر وبهرهم نور النبوة، ولم يجيء على عاداتهم الفاسدة، تفرقوا فيه كما تفرق إخوانهم الأولون: فبعض قال: هذا مذهب ابن تيمية، كما لمزوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بابن أبي كبشة، وبعضهم قال: كتب باطلة، كقوله:{أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا}[سورة الفرقان آية: ٥] ، وبعضهم قال: هؤلاء يريدون الرياسة، كما قال:{قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ}[سورة يونس آية: ٧٨] ، وتارة يرمون المؤمنين بالمعاصي، كما قالوا لنوح، فأجابهم:{وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[سورة الشعراء آية: ١١٢] ، وتارة يرمون بالسفاهة ونقص العقل، كما قالوا:{أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ}[سورة البقرة آية: ١٣] ، فأجابهم تعالى بقوله:{أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ}[سورة البقرة آية: ١٣] ، وتارة يضحكون من المؤمنين ويستهزئون بهم، وبأفعالهم التي خالفت العادات، كقوله:{إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ}[سورة المطففين آية: ٢٩] ، وتارة يكذبون عليهم الأكاذيب العظيمة، كقوله:{فَقَدْ جَاءُوا ظُلْماً وَزُوراً}[سورة الفرقان آية: ٤] ، وتارة يذمون دين الإسلام، بما يوجد من بعض المنتسبين إليه، من رثاثة الفهم والمسكنة، كما قالوا:{وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ}[سورة هود آية: ٢٧] ، وتارة تقطع قلوبهم من الحسرة والغيظ، إذا رأوا الله قد خفض بهذا الدين