المؤمنين إذا فسروا شيئاً من القرآن، بكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وكلام المفسرين ليس لهم فيه إلا النقل، اشتد إنكارك عليهم، وتقول: القرآن لا يحل لكم تفسيره، ولا يعرفه إلا المجتهدون، وتارة تفتري الكذب الظاهر، وتقول: إن ابن عباس إذا أراد أن يفسر، خرج إلى البرية خوفاً من العذاب، وأمثال هذه الأباطيل والخرافات، ومرادهم بذلك: سد الباب، لا يُفتح للناس طريق إلى هذا الخير، فكيف يكون نقلنا لكلام المفسرين منكراً، وتفسيرك كتاب الله وتحريفك الكلم عن مواضعه حسناً؟! هذا من أعجب العجب.
الوجه الثاني: أن هذا لو كان على ما أولته عليه، فهو في الأخذ على كتاب الله، وأنت متبرئ من معرفة كتاب الله، والحكم به، شاهد على نفسك بذلك.
الوجه الثالث: أن هذا لو كان فيما ذهبت إليه، لكان هذا مخصوصاً بتحريم الرشوة التي أجمع العلماء على تحريمها.
الوجه الرابع: أن حمل الحديث على هذا، من أبين الفرية الظاهرة، والكذب البحت على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإن معنى ذلك: في الإنسان الذي يداوي المريض بالقرآن، فيأخذ على الطب والدواء، لا على الحكم وإيصال الحق إلى مستحقه، ويدل عليه اللفظ الآخر:"كُل. من أكل برقية باطل، وقد أكلت برقية حق"، والقضية شاهد بذلك.