للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالأعمال الظاهرة، لأنها جزء مسماه، كما تقدم. إذا عرفت أن كلا من الأعمال الظاهرة والباطنة من مسمى الإيمان شرعا، فكل ما نقص من الأعمال التي لا يخرج نقصها من الإسلام، فهو نقص في كمال الإيمان الواجب، كما في حديث أبي هريرة: " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم، حين ينتهبها وهو مؤمن " ١، وقوله صلى الله عليه وسلم " لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له " ٢،ونفى الإيمان عمن لا يأمن جاره بوائقه. فالمنفي في هذه الأحاديث: كمال الإيمان الواجب، فلا يطلق الإيمان على مثل أهل هذه الأعمال إلا مقيدا بالمعصية، أو بالفسوق، فيقال: مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، فيكون معه من الإيمان بقدر ما معه من الأعمال الباطنة والظاهرة، فيدخل في جملة أهل الإيمان على سبيل إطلاق أهل الإيمان، كقوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [سورة النساء آية: ٩٢] . وأما المؤمن الإيمان المطلق، الذي لا يتقيد بمعصية ولا بفسوق، ونحو ذلك، فهو: الذي أتى بما يستطيعه من الواجبات، مع تركه لجميع المحرمات فهذا هو الذي يطلق عليه اسم الإيمان من غير تقييد. فهذا: هو الفرق بين مطلق الإيمان، والإيمان المطلق، والثاني هو الذي لا يصر صاحبه


١ البخاري: المظالم والغصب (٢٤٧٥) , ومسلم: الإيمان (٥٧) , والترمذي: الإيمان (٢٦٢٥) , والنسائي: قطع السارق (٤٨٧٠ ,٤٨٧١) والأشربة (٥٦٥٩ ,٥٦٦٠) , وأبو داود: السنة (٤٦٨٩) , وابن ماجه: الفتن (٣٩٣٦) , وأحمد (٢/٣١٧ ,٢/٣٨٦) , والدارمي: الأشربة (٢١٠٦) .
٢ أحمد (٣/١٣٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>