للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسلام والإيمان، والمشهور عن السلف وأئمة الحديث أن الإيمان قول، وعمل، ونية; وأن الأعمال كلها داخلة في مسمى الإيمان. وحكى الشافعي على ذلك إجماع الصحابة والتابعين ومن بعدهم ممن أدركهم؟

فالجواب: أن الأمر كذلك; وقد دل على دخول الأعمال في الإيمان الكتاب والسنة; أما الكتاب، فكقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} الآية [سورة الأنفال آية: ٢] . وأما الحديث، فكقوله في حديث أبي هريرة، المتفق عليه: " الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان " ١ وغير ذلك. فمن زعم: أن إطلاق الإيمان على الأعمال الظاهرة مجاز; فقد خالف الصحابة، والتابعين، والأئمة.

إذا عرفت ذلك، فاعلم أنه يجمع بين الأحاديث بأن أعمال الإسلام داخلة في مسمى الإيمان، شاملا لها; ففسرت بالإسلام، وهي جزء مسمى الإيمان، لكون الإيمان مثالا لها ولغيرها من الأعمال الباطنة والظاهرة. فإذا أفرد الإيمان في آية أو حديث، دخل فيه الإسلام. وإذا قرن بينهما فسر الإسلام بالأركان الخمسة، كما في حديث جبريل، وفسر الإيمان بأعمال القلب، لأنها أصل الإيمان ومعظمه; وقوته وضعفه، ناشئ عن قوة ما في القلب من هذه الأعمال أو ضعفها.


١ مسلم: الإيمان (٣٥) , والترمذي: الإيمان (٢٦١٤) , والنسائي: الإيمان وشرائعه (٥٠٠٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>