للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويزدري رتب أخدانه وأترابه، والمحب له الدلال، والمرء يشرق بالزلال.

فاعلم هديت الطريق، وفزت بحظ من النظر والتحقيق: أن الله لما ابتعث نبيه صلى الله عليه وسلم بهذا الدين الحنيفي، ولم يكن أحد من أهل الأرض عربيهم وعجميهم، قرويهم وبدويهم، يعرف الحق ويعمل به، إلا بقايا من أهل الكتاب، وأما الأكثرون فقد اجتالتهم الضلالات والعادات، عن فطرة الله التي فطر الناس عليها؛ فأيد الله دينه مع غربة هذا الدين، ومخالفته لما عليه الأكثرون، بأعظم حجة وآية، كانت لأكثر من أسلم سبب وقاية، وتلك هو الخلق العظيم، والرأي الراشد الحليم، فمكث على ذلك يدعو ويذكر، ويعظ وينذر، مع غاية اللطف واللين.

فتارة يكني المخاطبين، وطورا يأتي نادي المتقدمين والمترئسين، وحيناً يقول: "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون" ١، وناهيك بخلق مدحه القرآن، وأثنى على حلمه في الدعوة والبيان.

ولا يرد على المعنى قوله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} الآية [سورة التوبة آية: ٧٣] ، كما ظنه بعض المتطوعة ديدناً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن هذا يصار إليه إذا تعينت الغلظة ولم يجد اللين، كما هو ظاهر مستبين، كما قيل: آخر الطب الكي.


١ البخاري: أحاديث الأنبياء (٣٤٧٧) , ومسلم: الجهاد والسير (١٧٩٢) , وابن ماجة: الفتن (٤٠٢٥) , وأحمد (١/٣٨٠, ١/٤٢٧, ١/٤٣٢, ١/٤٤١, ١/٤٥٣, ١/٤٥٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>