للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحينئذ يتبين الإيمان الكامل، الذي صاحبه يستحق عليه دخول الجنة، والنجاة من النار، هو: فعل الواجبات، وترك المحرمات، وهو الذي يطلق على من كان كذلك بلا قيد; وهو الإيمان الذي يسميه العلماء: الإيمان المطلق. وأما من لم يكن كذلك، بل فرط في بعض الواجبات، أو فعل بعض المحرمات، فإنه لا يطلق عليه الإيمان إلا بقيد، فيقال: مؤمن بإيمانه، فاسق بكبيرته، أو يقال: مؤمن ناقص الإيمان، لكونه ترك بعض واجبات الإيمان، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه:" لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن " ١، أي: ليس موصوفا بالإيمان الواجب، الذي يستحق صاحبه الوعد بالجنة، والمغفرة والنجاة من النار، بل هو تحت المشيئة: إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه على ترك ما وجب عليه من الإيمان، وارتكابه الكبيرة.

وقيل: هذا يوصف بالإسلام دون الإيمان، ولا يسمى مؤمنا إلا بقيد، وهذا الذي يسميه العلماء مطلق الإيمان; أي: أنه أتى بالأركان الخمسة، وعمل بها باطنا وظاهرا. وهذا الذي قلنا من معنى الإسلام والإيمان، هو: مذهب الإمام أحمد، وطائفة من السلف والمحققين. وذهب طائفة من أهل السنة أيضا إلى أن الإسلام والإيمان شيء واحد، وهو الدين، فيسمى إسلاما، وإيمانا؛ فهما اسمان لمسمى واحد; والأول أصح، وهو الذي نصره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتبه؛ فلا تلتفت إلى ما يخالف هذين


١ البخاري: المظالم والغصب (٢٤٧٥) , ومسلم: الإيمان (٥٧) , والترمذي: الإيمان (٢٦٢٥) , والنسائي: قطع السارق (٤٨٧٠ ,٤٨٧١) والأشربة (٥٦٥٩ ,٥٦٦٠) , وأبو داود: السنة (٤٦٨٩) , وابن ماجه: الفتن (٣٩٣٦) , وأحمد (٢/٣١٧ ,٢/٣٨٦) , والدارمي: الأشربة (٢١٠٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>