للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرتد ضمان ما أتلفه للمسلمين في حال الردة، خصوصاً من تكررت منه الردة مراراً، فإنه لا يقصد بذلك في هذا الزمان، إلا الإغارة والنهب لا غير، فترك ذلك له من أعظم المعاونة على الإثم والعدوان؛ ولهذا لما صار هذا أمراً سائغاً عند بعض الناس، انفتحت للبدوان أبواب الردة، وأتوها مهطعين من كل وجه؛ ولو كان هذا مصلحة في بعض الأوقات رآها بعض الأمراء، فلا يجب طرد ذلك لكل أحد في كل زمان، فاعلم ذلك.

وأما قول السائل: هل يكون هذا موالاة نفاق؟ أم يكون كفراً؟

فالجواب: إن كانت الموالاة مع مساكنتهم في ديارهم، والخروج معهم في قتالهم، ونحو ذلك، فإنه يحكم على صاحبها بالكفر، كما قال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [سورة المائدة آية: ٥١] ، قال تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ} [سورة النساء آية: ١٤٠] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من جامع المشركين وسكن معهم، فإنه مثلهم"، وقال: " أنا بريء من مسلم بين أظهر المشركين " ١، رواهما أبو داود.

وإن كانت الموالاة لهم في ديار الإسلام إذا قدموا إليهم، ونحو ذلك، فهذا عاص آثم متعرض للوعيد. وإن كان


١ الترمذي: السير (١٦٠٤) , وأبو داود: الجهاد (٢٦٤٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>