فقد بسط الكلام فيه على هذا الأصل بسطا كثيرا، وسرد من شبه أئمتكم ما لا تعرفون أنتم ولا آباؤكم، وأجاب عنها، واستدل لها بالدلائل الواضحة القاطعة، منها: أمر الله ورسوله عن أمركم هذا بعينه، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وصفوه من قبل أن يقع، وحذروا الناس منه، وأخبروا أنه لا يسير على الدين إلا الواحد بعد الواحد، وأن الإسلام يصير غريبا كما بدأ.
وقد علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سأله عمرو بن عبسة في أول الإسلام: من معك على هذا؟ قال:(حر وعبد) يعني أبا بكر، وبلالا. فإذا كان الإسلام يعود كما بدأ، فما أجهل من استدل بكثرة الناس، وأطباقهم، وأشباه هذه الشبهة، التي هي عظيمة عند أهلها، حقيرة عند الله، وعند أولي العلم من خلقه، كما قال تعالى:{بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الأَوَّلُونَ} ، [سورة المؤمنون آية: ٨١] . فلا أعلم لكم حجة تحتجون بها، إلا وقد ذكر الله في كتابه: أن الكفار استدلوا بها على تكذيب الرسل، مثل إطباق الناس، وطاعة الكبراء، وغير ذلك.
فمن من الله عليه بمعرفة دين الإسلام، الذي دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، عرف قدر هذه الآيات، والحجج، وحاجة الناس إليها. فإن زعمتم: أن ذكر هؤلاء الأئمة لهذا لمن كان من أهله، فقد صرحوا بوجوبه على الأسود والأحمر، والذكر والأنثى، وأنه ما بعد الحق إلا الضلال، وأن قول من قال: