للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمجوس، يعلمون أنهم على غير دينهم، بخلاف عباد القبور، فإنهم يظنون أن من سافر إلى بلادهم على دينهم. إذا تبين هذا، وعلمته، فسفر أبي بكر رضي الله عنه كان مع إظهار دينه؛ ومن أظهر دينه كما ينبغي، فلا مانع من سفره إن أمن على نفسه ودينه; وقد قال ابن كثير، رحمه الله تعالى، على آية النساء: هذه الآية عامة في كل من أقام بين ظهراني المشركين، وهو قادر على الهجرة، وليس متمكناً من إقامة الدين، فهو ظالم لنفسه، مرتكب حراماً بالإجماع، وبنص هذه الآية، فلا يجوز خرق الإجماع.

فمن أظهر دينه، جاز له السفر والإقامة، ومن لا يقدر على إظهار دينه، لا يجوز له السفر ولا الإقامة، بإجماع العلماء؛ ولكن الشأن كل الشأن، في إظهار الدين ما هو؟ أهو: ملة إبراهيم، من مباداة أعداء الله بالعداوة والبغضاء، والبراءة منهم ومما يعبدون، وأن ما هم عليه من عبادة غير الله كفر وضلال بعيد، يمانع أصل الإيمان والتوحيد؟ أو هو: ما لفقه هؤلاء، من عبارات لبعض العلماء مجملة محتملة، لا صراحة فيها، ولا راحة فيها لمبطل ولا مشبه؟ ثم كيف يسوغ لذي عقل ودين، أن يجعل سفر أبي بكر رضي الله عنه الذي قد كان من المعلوم أنه من الدلائل الجزئية، والقضايا العينية، مع أنه بلا شك ولا مرية يظهر دينه، دفعًا في نحر النصوص الواردة في وجوب المنع من الإقامة بدار الشرك، والقدوم إليها، وترك القعود مع أهلها،

<<  <  ج: ص:  >  >>