سئل الشيخ محمد بن إبراهيم بن محمود: عن رجلين بحثا في الهجرة ... إلخ؟
فأجاب: الصواب مع الثاني، وهو الحق المقطوع به الذي ندين الله به، وهو: أن الهجرة واجبة على من لم يقدر على إظهار دينه، وخاف الفتنة؛ وأدلة ذلك ظاهرة من الكتاب والسنة. وقد نص علماء السنة على ذلك وذكروه من أصولهم، وأن الجهاد قائم مع كل إمام بر وفاجر، حتى يقاتل آخر هذه الأمة الدجال، وأن الهجرة باقية لا تنقطع حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها.
وأما الجواب عما احتج به الأول، من قوله: لا هجرة بعد الفتح، فالمراد بذلك لا هجرة من مكة، لأنها صارت دار إسلام، ولم يبق فيها من يفتن المسلم عن دينه; قال شيخ الإسلام، رحمه الله تعالى: أراد به: الهجرة المعهودة في زمنه، وهي الهجرة إلى المدينة من مكة، وغيرها من أرض العرب؛ فإن الهجرة مشروعة لما كانت مكة وغيرها دار كفر وحرب، وكان الإيمان بالمدينة، فكانت الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام واجبة لمن قدر عليها. فلما فتحت مكة، وصارت دار إسلام، ودخلت العرب في الإسلام، صارت هذه الأرض كلها دار إسلام، فقال:" لا هجرة بعد الفتح " ١؛ وعلى هذا يحمل حديث صاحب الخضرمة، لأن بلاد العرب إذ ذاك صارت كلها دار إسلام؛