للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله صلى الله عليه وسلم: " ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم: إخلاص العمل لله، ومناصحة أئمة المسلمين، ولزوم جماعتهم؛ فإن دعوتهم تحيط من ورائهم " ١، ذكر العلامة ابن القيم وغيره، أن المعنى: لا يحمل الغل ويبقى فيه، مع وجود هذه الثلاث، فإنها تنفي الغل والغش، وهو فساد القلب وسخائمه، فالمخلص لله إخلاصه يمنع وجود الغل في قلبه، ويخرجه ويزيله، لأنه قد انصرفت دواعي قلبه وإرادته إلى مرضاة ربه، فلم يبق فيه موضع للغل.

وقد أشار تعالى إلى هذا المعنى بقوله: {َذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [سورة يوسف آية: ٢٤] ، فلما أخلص لربه صرف عنه دواعي السوء والفحشاء، ولما علم إبليس هذا المعنى استثناهم في قوله: {إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [سورة الحجر آية: ٤٠] فالإخلاص هو سبيل الخلاص، والإسلام مركب السلامة، والإيمان خاتم الأمان.

ومناصحة المسلمين تنافي الغل أيضا، فإن النصح لا يجامع الغل إذ هو ضده، وكذلك لزوم جماعة المسلمين مما يطهر القلب من الغل، فإن صاحبه للزومه الجماعة يحب لهم ما يحب لنفسه، ويكره لهم ما يكره لها، ويسوؤه ما يسوؤهم، ويسره ما يسرهم.

وهذا بخلاف ما انحاز عنهم، واشتغل بالطعن عليهم


١ الترمذي: العلم (٢٦٥٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>