للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا قال ابن مسعود رضي الله عنه: " يا أيها الناس عليكم بالطاعة والجماعة، فإنها حبل الله الذي أكرمكم به ".

ويشهد له الحديث المرفوع: " من فارق الجماعة قيد شبر، فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه " ١، وعنه صلى الله عليه وسلم: " إن الله يرضى لكم ثلاثا: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " ٢.

وكذلك هذه الآية، فيها النهي عن التفرق، فإن الجماعة رحمة، والفرقة عذاب.

وإذا وقعت الفرقة فسد الدين، ونبذ الكتاب، وغلبت الأهواء، وذهب سلطان العلم والهدى، فلا تكاد ترى إلا من هو معجب برأيه، منفرد بأمره، منتقص لغيره، معرض عن قبول الهدى، ودعوة المسلمين تحيط من ورائهم; وقد ورد مرسلا: " كل رجل من المسلمين على ثغر من ثغور الإسلام، فالله الله أن يؤتى الإسلام من قبله " وعن الحسن: " إنما المسلمون على الإسلام بمنْزلة الحصن، فإذا أحدث المسلم حدثا ثغر في الإسلام من قبله ". وإن أحدث المسلمون كلهم، فاثبت أنت على الأمر الذي لو اجتمعوا عليه، لقام دين الله بالأمر الذي أراد من خلقه; وبالجملة: فشأن الجماعة شأن عظيم، قد عدها كثير من أهل العلم من أركان الإسلام، التي لا يقوم إلا بها.

وقد عرفتم: ما حدث من الاختلاف والتفرق في هذه


١ الترمذي: الأمثال (٢٨٦٣) , وأحمد (٤/١٣٠ ,٤/٢٠٢ ,٥/٣٤٤) .
٢ أحمد (٢/٣٦٧) , ومالك: الجامع (١٨٦٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>