للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا} [سورة سبأ آية: ٤٦ب] قال ابن القيم، رحمه الله تعالى: لما كان للإنسان الذي يطلب معرفة الحق، حالتان; إحداهما: أن يكون ناظرا مع نفسه; والثانية: أن يكون مناظرا لغيره; أمرهم بخصلة واحدة، وهي: أن يقوموا لله اثنين اثنين، فيتناظران، ويتساءلان بينهما، وواحدا وفردا، يقوم كل واحد مع نفسه، فيتفكر في أمر هذا الداعي وما يدعو إليه، ويستدعي أدلة الصدق والكذب، ويعرض ما جاء به عليهما، ليتبين له حقيقة الحال، فهذا هو الحجاج الجليل، والإنصاف المبين، والنصح العام، انتهى.

وقد عرفتم: أنه لا بد في التوحيد من العلم به والعمل، والدعوة إليه، فهذه طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعه، في كل زمان ومكان، وهذا الواجب يجب على كل إنسان بحسبه، وإن كثر جهله وقل علمه واطلاعه، فلو كان ذلك مقصورا على أحد لعلمه وفضله، لتعطلت أمور الدين; أو كان فيه غضاضة للفاضل، ورفع للمفضول لما قال عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أتصلي على ابن أبي وهو كذا وكذا؟ ولما أنكر على أبي بكر رضي الله عنه قتال أهل الردة أولا; ولما أنكر بعض الصحابة على بعض، لما هموا بجمع المصحف، حتى اجتمعوا على ذلك; ولما قال عمر رضي الله عنه " الله أكبر! أصابت امرأة وأخطأ عمر ".

وهكذا شأن العلماء الأخيار، في جميع الأعصار، ومع

<<  <  ج: ص:  >  >>