للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاءهم من الآيات والأدلة القاطعة، الدالة على صدقه وثبوت رسالته، ما أعجزهم به، فلم يبق لأحد على الله حجة، ومع ذلك كابر المكابر، وعاند المعاند: {وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ} [سورة غافر آية: ٥ب] ورأوا أن الانقياد له وترك ما هم عليه من النحل والملل، يجر عليهم من مسبة آبائهم، وتسفيه أحلامهم، أو نقص رياساتهم، أو ذهاب مآكلهم، ما يحول بينهم وبين مقاصدهم؛ فلذلك عدلوا إلى ما اختاروه من الرد والمكابرة، والتعصب على باطلهم والمثابرة.

وأكثرهم يعلمون أنه محق، وأنه جاء بالهدى ودعا إليه; ولكن في النفوس موانع، وهناك إرادات ورياسات، لا يقوم ناموسها، ولا يحصل مقصودها، إلا بمخالفته، وترك الاستجابة له، وهذا هو المانع في كل زمان ومكان، من متابعة الرسل، وتقديم ما جاؤوا به، ولولا ذلك ما اختلف من الناس اثنان، ولا اختصم في الإيمان بالله، وإسلام الوجه له خصمان.

وما زال حاله صلى الله عليه وسلم مع الناس كذلك، حتى أيد الله دينه ونصر الله رسوله، بصفوة أهل الأرض وخيرهم، ممن سبقت له من الله السعادة، وتأهل بسلامة صدره مراتب الفضل والسيادة، وأسلم منهم الواحد بعد الواحد، وصار بهم على إبلاغ الرسالة معاون ومساعد، حتى من الله على ذلك الحي

<<  <  ج: ص:  >  >>