للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم " ١ قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: ولم يقع خلل في دين الناس أو دنياهم، إلا من الإخلال بهذه الوصية، وقوله صلى الله عليه وسلم " لا إسلام إلا بجماعة، ولا جماعة إلا بسمع وطاعة " ٢.

فليتأمل: من أراد نجاة نفسه هذا الشرط، الذي لا يوجد الإسلام إلا به؛ ومع ذلك استحسن الواقع من استحسنه، وأجاز نصب إمامين، وأثبت البيعة لاثنين، كأنه لم يسمع في ذلك نص: (إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما; أوفوا ببيعة الأول فالأول) ; وما قاله الفاروق رضي الله عنه في بيعة أبي بكر رضي الله عنهما، لما قال الأنصار - أهل السقيفة -: منا أمير ومنكم أمير; وما ذهب إليه الحكمان، في شأن علي ومعاوية رضي الله عنهما.

فلو كان جائزا في دينهم نصب إمامين، لأقرا عليا على الحجاز والعراق، وأقرا معاوية على مصر والشام، ولكن لم يجدا مخرجا إلا بخلع أحدهما، مع أن عليا رضي الله عنه لم يقاتل معاوية وأهل الشام، إلا لأجل الجماعة، والدخول في الطاعة، وكان محقا في ذلك رضي الله عنه.

وما ذهب إليه الحسن في خلع نفسه، فلو رأى ذلك جائزا له، لاقتصر على الحجاز والعراق، وترك معاوية وما بيده، لكن لما علم أن ذلك لا يستقيم إلا بخلع أحدهما، آثر


١ مسلم: الأقضية (١٧١٥) , وأحمد (٢/٣٦٧) , ومالك: الجامع (١٨٦٣) .
٢ الدارمي: المقدمة (٢٥١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>