للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو ذر، رضي الله عنه " لقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما من طائر يطير يقلب جناحيه، إلا أبدى لنا فيه علما ". فاستأنف النهار يا ابن جبير، قبل أن تنفرج ذات البين، بينكم معشر العلماء، ويضلل بعضكم بعضا، أو يفسقه أو يكفره، فتكونوا بذلك فتنة لجاهل مغرور، أو ضحكة لذي دهاء وفجور، تستباح بذلك أعراضكم، ولا ينتفع بعلمكم. فاعقدوا لكم محضرا، ولو طال منا ومن بعضكم لأجله سفر، للنظر فيما يصلح الإسلام، وتقوم به الحجة، ولو لم يعمل به عامل، تسدوا بذلك عنكم باب الفرقة، نصحا لله ولكتابه ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم؛ فإني والله لا إخال الجرح يندمل، ولا الحية تموت، إلا أن يشاء ربي شيئا، وذلك لكثرة الطلاب لهذا الأمر، فقد وقع والله بكثرتهم، وأعضل البأس، واحتاج العاقل للنظر فيما هو الأصلح لدينه، والأرضى لربه، بالاجتماع على الأسد فالأسد، والأجد فالأجد، والأصلح فالأصلح.

فإن الشيطان متكئ على شماله، متحيل بيمينه، فاتح حصنه لأهله، يدأب بين الأمة بالشحناء والعداوة، عنادا لله ولرسوله ولدينه، تأليبا وتأنيبا، يوسوس بالفجور، ويدلي بالغرور، يزين بالزور، ويمني أهل الفجور والشرور، ويوحي إلى أوليائه بالباطل، دأبا له منذ كان، وعادة له منذ أهانه الله في سالف الأزمان، لا ينجو منه إلا من أحب

<<  <  ج: ص:  >  >>