للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنكار منكر يستلزم ما هو أنكر منه، وأبغض إلى الله ورسوله، فإنه لا يسوغ إنكاره، وإن كان الله يبغضه ويمقت أهله، وهذا كالإنكار على الملوك والولاة بالخروج عليهم، فإنه أساس كل شر وفتنة، إلى آخر الدهر.

وقد استأذن الصحابة رضي الله عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتال الأمراء، الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها، وقالوا أفلا نقاتلهم؟ فقال: " لا، ما أقاموا الصلاة " ١، وقال: " من رأى من أميره ما يكرهه، فليصبر ولا ينْزعن يدا من طاعة " ٢ ومن تأمل ما جرى على الإسلام، في الفتن الكبار والصغار، رآها من إضاعة هذا الأصل، وعدم الصبر على منكر طلب إزالته فتولد منه ما هو أكبر منه، انتهى.

وقال ابن مفلح، في "الآداب": قال حنبل: اجتمع فقهاء بغداد في ولاية الواثق، إلى أبي عبد الله- يعني الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى- وقالوا له: إن الأمر قد تفاقم وفشا - يعنون إظهار القول بخلق القرآن، وغير ذلك - ولا نرضى بإمارته ولا سلطانه، فناظرهم في ذلك، وقال: عليكم بالإنكار في قلوبكم، ولاتخلعوا يدا من طاعة، ولا تشقوا عصا المسلمين، ولا تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين معكم، وانظروا في عاقبة أمركم، واصبروا حتى يستريح بر، ويستراح من فاجر، وقال: ليس هذا- يعني نزع أيديهم من طاعته- صوابا هذا خلاف الآثار، اهـ.


١ مسلم: الإمارة (١٨٥٥) , وأحمد (٦/٢٤) , والدارمي: الرقاق (٢٧٩٧) .
٢ البخاري: الفتن (٧٠٥٤) , ومسلم: الإمارة (١٨٤٩) , وأحمد (١/٢٧٥ ,١/٢٩٧ ,١/٣١٠) , والدارمي: السير (٢٥١٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>