فكان أولى بني لؤي، أصاب ملكا أطاع له به قومه، فكانت إليه الحجابة، والسقاية، والرفادة، والندوة، واللواء، وقطع مكة أرباعا بين قومه، فأنزل لكل قوم منهم منازلهم؛ وقيل إنهم هابوا قطع الشجر عن منازلهم، فقطعها بيده وأعوانه، فسمته قريش مجمعا لما جمع أمرهم، وتيمنت بأمره، فلا تنكح امرأة منهم، ولا يتزوج رجل إلا بأمره، ولا يتشاورون فيما نزل بهم، ولا يعقدون لواء حرب إلا في داره، يعقده لهم بعض ولده، فكان أمره في حياته وبعد موته، عندهم، كالدين المتبع، واتخذ لنفسه دار الندوة.
فلما كبر قصي ورق عظمه - وكان عبد الدار بكره، وكان عبد مناف قد شرف في زمان أبيه، وعبد العزى، وعبد - قال لعبد الدار: لألحقنك بالقوم وإن شرفوا عليك، لا يدخل منهم أحد الكعبة حتى تفتحها له، ولا يعقد لقريش لواء إلا أنت، ولا يشرب رجل بمكة إلا من سقايتك، ولا يأكل أحد من أهل الموسم طعاما إلا من طعامك، ولا تقطع قريش أمرا من أمورها إلا في دارك.
فأعطاه دار الندوة، والحجابة، واللواء، والسقاية، والرفادة وهي خراج تخرجه قريش في الموسم من أموالها إلى قصي، فيصنع به طعاما للحاج، يأكله من لم يكن له سعة، لأنه فرضه عليهم، أي على قريش، فقال: أنتم جيران الله وأهل بيته، وإن الحاج ضيف الله، وهم أحق الضيف