للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان آخرهم الذي قام عليه الإسلام أبو سيارة ١ فلما كان ذلك العام، فعلت صوفة ما كانت تفعل، وقد عرفت العرب ذلك لها وهو دين لهم، من عهد جرهم وولاية خزاعة، فأتاهم قصي ومن معه من قريش، وكنانة وقضاعة عند العقبة، فقال: نحن أولى بهذا منكم، فقاتلوه؛ فاقتتل الناس قتالا شديدا، فانهزمت صوفة، وغلبهم قصي على ما بأيديهم.

وانحازت عند ذلك خزاعة وبنو بكر عن قصي، وعرفوا أنه سيمنعهم كما منع صوفة، ويحول بينهم وبين الكعبة وأمر مكة، فلما انحازوا، أجمع لحربهم، فالتقوا واقتتلوا قتالا شديدا. ثم تداعوا إلى الصلح، فحكموا عمرو بن عوف، أحد بني بكر، فقضى بينهم: بأن قصيا أولى بالكعبة ومكة من خزاعة، وكل دم أصابه قصي منهم موضوع، يشدخه تحت قدميه، وما أصابت خزاعة وبنو بكر، ففيه الدية، وأن يخلي بين قصي وبين الكعبة ومكة؛ فسمي يومئذ الشداخ.

فوليها قصي وجمع قومه من منازلهم إلى مكة، وتملك عليهم فملكوه، إلا أنه أقر العرب على ما كانوا عليه، لأنه يراه دينا لهم، فأقر النسأة وآل صفوان، وعدوان ومرة بن عوف، على ما كانوا عليه، حتى جاء الإسلام فهدم ذلك كله، وفيه يقول الشاعر:

قصي لعمري كان يدعى مجمعا ... به جمع الله القبائل من فهر


١ هو عميلة بن الأعزل, كما في السيرة لابن هشام.

<<  <  ج: ص:  >  >>