ثم ذكر وصية عيسى عليه السلام، باتباع محمد صلى الله عليه وسلم، وما أخذ الله على الأنبياء من الإيمان به، والنصر له، وأن يؤدوه إلى قومهم، فأدوا ذلك، وهو قوله تعالى:{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ}[سورة آل عمران آية: ٨١] الآية.
ثم ذكر بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ والقصة في الصحيحين، وفيها: أن أول ما أنزل عليه: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الأِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ}[سورة العلق آية: ٢] إلى قوله: {عَلَّمَ الْأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}[سورة العلق آية: ٥] ثم أنزل عليه: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ}[سورة المدثر آية: ٥] فمن فهم: أن هذه أول آية أرسله الله بها، أمره سبحانه أن ينذر عن الشرك، الذي يعتقدون أنه عبادة تقرب إلى الله عز وجل قبل إنذاره عن نكاح الأمهات والبنات، وعرف أن قوله:{وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ}[سورة المدثر آية: ٣] أمر بالتوحيد قبل الأمر بالصلاة وغيرها، عرف قدر الشرك عند الله، وقدر التوحيد. فلما أنذر استجاب له قليل، وأما الأكثر فلم يتبعوا ولم ينكروا، حتى بادأهم بسب دينهم وعيب آلهتهم، فاشتدت عداوتهم له ولمن تبعه، وعذبوهم عذابا شديدا، وأرادوا أن يفتنوهم عن دينهم. فمن فهم هذا، عرف أن الإسلام لا يستقيم