إلا بالعداوة لمن تركه وسب دينه، وإلا لو كان لأولئك المعذبين رخصة لفعلوا. وجرى بينه وبينهم ما يطول وصفه، وقص الله سبحانه بعضه في كتابه.
[قصة أبي طالب وقراءة سورة النجم]
ومن أشهر ذلك: قصة عمه أبي طالب لما حماه بنفسه وماله وعياله وعشيرته، وقاسى في ذلك الشدائد العظيمة وصبر عليها، ومع ذلك أنه مصدق له داع إلى دينه، محب لمن اتبعه معاديا لمن عاداه، لكن لم يدخل فيه، ولم يتبرأ من دين آبائه، ويتعذر عن ذلك بأنه لا يرضى بمسبة آبائه، وإلا لولا ذلك لاتبعه.
ولما مات، وأراد النبي صلى الله عليه وسلم الاستغفار له، أنزل الله سبحانه:{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}[سورة التوبة آية: ١١٣] فيا لها من عبرة ما أبينها! وما أبلغها من موعظة، وبيان ما أوضحه، لما يظن كثير من يدعي اتباع الحق، فيمن أحب الحق وأهله، من غير اتباع، لأجل غرض من أغراض الدنيا.
ومما وقع أيضا: قصته معهم لما قرأ سورة النجم بحضرتهم، فلما وصل إلى قوله تعالى:{أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى}[سورة النجم آية: ١٩] ألقى الشيطان في تلاوته: تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتها لترتجى، وظنوا أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله، ففرحوا بذلك فرحا