شديدا، وتلقاه الصغير والكبير منهم، وقالوا كلاما معناه: هذا الذي نريد، نحن نقر أن الله هو الخالق الرازق المدبر للأمور، ولكن نريد شفاعتهم عنده، فإذا أقر بذلك فلا بيننا وبينه اختلاف. واستمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها، فلما بلغ السجدة سجد وسجدوا معه.
وشاع الخبر أنهم صافوه، حتى إن الخبر وصل إلى الصحابة الذين بالحبشة، فركبوا في البحر راجعين، ظانين أن ذلك صدق، فلما ذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاف أن يكون قاله، فخاف من الله خوفا شديدا عظيما، حتى أنزل الله عز وجل عليه:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ}[سورة الحج آية: ٥٢] إلى قوله: {عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ}[سورة الحج آية: ٥٥] فمن عرف هذه القصة، وعرف ما عليه المشركون اليوم، وما قاله علماؤهم، ولم يميز بين الإسلام الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وبين دين قريش، الذي أرسله الله ينذرهم عنه، وهو الشرك الأكبر، فأبعده الله.
فإن هذه القصة في غاية الوضوح، إلا من طبع الله على قلبه، فذلك لا حيلة فيه، ولو كان من أفهم الناس، كما قال الله تعالى في أهل الفهم، الذين لم يوفقوا {وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصَارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا