للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجاهلية، فإن تمت وإلا تم من المنافقين " ١. قال الترمذي: حسن صحيح.

فإذا تأمل الإنسان ما في هذا الحديث، من صفة بدو الإسلام، ومن اتبع الرسول صلى الله عليه وسلم إذ ذاك، ثم ضم إليه الحديث الآخر الذي في صحيح مسلم، أنه صلى الله عليه وسلم قال: " بدأ الإسلام غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ " ٢، تبين له الأمر إن هداه الله، وانزاحت عنه الحجة الفرعونية: {قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الأُولَى} [سورة طه آية: ٥١] والحجة القرشية {مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ} [سورة ص آية: ٧] الآية.

وقال أبو العباس، في كتاب "اقتضاء الصراط المستقيم"، في الكلام على قوله تعالى: {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ} : ظاهره: أن ما ذبح لغير الله، سواء لفظ به أو لم يلفظ حرام، وتحريم هذا أظهر من تحريم ما ذبح للحم، وقال فيه باسم المسيح ونحوه، كما أن ما ذبحناه متقربين به إلى الله، أزكى مما ذبحناه للحم، وقلنا عليه بسم الله، فإن عبادة الله بالصلاة له والنسك له، أعظم من الاستعانة باسمه في فواتح الأمور.

والعبادة لغير الله أعظم كفرا من الاستعانة بغير الله، فلو ذبح لغير الله متقربا إليه لحرم، وإن قال فيه: بسم الله، كما قد يفعله طائفة من منافقي هذه الأمة، وإن كان هؤلاء مرتدين لا تباح ذبائحهم بحال، لكن يجتمع في الذبيحة مانعان، ومن


١ الترمذي: تفسير القرآن (٣١٦٨) .
٢ مسلم: الإيمان (١٤٥) , وابن ماجه: الفتن (٣٩٨٦) , وأحمد (٢/٣٨٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>