للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمين، لم يفهموا حجة الله مع قيامها عليهم، كما قال تعالى: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً} ١.

وقيام الحجة نوع، وبلوغها نوع، وقد قامت عليهم، وفهمهم إياها نوع آخر; وكفرهم ببلوغها إياهم، وإن لم يفهموها. إن أشكل عليكم ذلك، فانظروا قوله صلى الله عليه وسلم في الخوارج: " أينما لقيتموهم فاقتلوهم " ٢،وقوله: " شر قتلى تحت أديم السماء " ٣، مع كونهم في عصر الصحابة، ويحقر الإنسان عمل الصحابة معهم، ومع إجماع الناس أن الذي أخرجهم من الدين هو التشدد والغلو والاجتهاد؛ وهم يظنون أنهم يطيعون الله، وقد بلغتهم الحجة، ولكن لم يفهموها.

وكذلك قتل علي رضي الله عنه الذين اعتقدوا فيه، وتحريقهم بالنار، مع كونهم تلاميذ الصحابة، ومع عبادتهم وصلاتهم وصيامهم، وهم يظنون أنهم على حق.

وكذلك إجماع السلف: على تكفير غلاة القدرية وغيرهم، مع علمهم وشدة عبادتهم، وكونهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا؛ ولم يتوقف أحد من السلف في تكفيرهم لأجل كونهم لم يفهموا، فإن هؤلاء كلهم لم يفهموا. إذا علمتم ذلك، فإن هذا الذي أنتم فيه كفر: الناس يعبدون الطواغيت، ويعادون دين الإسلام، فيزعمون أنه ليس ردة


١ سورة الفرقان آية: ٤٤.
٢ البخاري: المناقب (٣٦١١) , ومسلم: الزكاة (١٠٦٦) , والنسائي: تحريم الدم (٤١٠٢) , وأبو داود: السنة (٤٧٦٧) , وأحمد (١/١٣١) .
٣ الترمذي: تفسير القرآن (٣٠٠٠) , وابن ماجه: المقدمة (١٧٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>