فإذا تقرر هذا عندك، فاعرف أن الكلام في تحريم ذبيحة المرتد، لا في أن الله أمر بأكل ما سمي عليه، ولا تحليل طعام أهل الكتاب; وقولكم: لم تكفّرون من يعمل بفرائض الإسلام الخمس؟ فقد كان في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم من انتسب إلى الإسلام ثم مرق من الدين، كما في الحديث الصحيح: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث البراء بن عازب معه الراية، إلى رجل تزوج امرأة أبيه، ليقتله ويأخذ ماله، وقد انتسب إلى الإسلام وعمل به.
ومثل: قتال الصديق والصحابة رضي الله عنهم مانعي الزكاة، وسبي ذراريهم وغنيمة أموالهم، وتسميتهم مرتدين بعدما عملوا بشرائع الإسلام; ومثل إجماع التابعين على قتل الجعد بن درهم، وهو مشتهر بالعلم والدين، إلى غير ذلك، جرى وقائع لا تعد ولا تحصى.
ومثل: بني عبيد الذين ملكوا مصر والشام وغيرها، مع تظاهرهم بالإسلام وصلاة الجمعة والجماعة، ونصب القضاة والمفتين، لما أظهروا من الأقوال والأفعال ما أظهروا، ولم يتوقف أحد من أهل العلم والدين عن قتالهم، مع ادعائهم الملة، ومع قولهم لا إله إلا الله، أو لأجل إظهار شيء من أركان الإسلام، إلا ما سمعنا منكم.